منتديات طلبة فلسفة بوزريعة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات طلبة فلسفة بوزريعة

مرحبا بكم في منتديات طلبة بوزريعة للعلوم الاجتماعية والانسانية قسم الفلسفة خاصة

منتديات طلبة بوزريعة منتدى حواري ترفيهي يقدم يد المساعدة لكل الطلبة .................زريارتكم تشرفنا

    قول في أفول الأصنام

    avatar
    الفتى المغربي


    عدد المساهمات : 2
    نقاط : 6
    تاريخ التسجيل : 29/03/2011
    العمر : 33

    قول في أفول الأصنام Empty قول في أفول الأصنام

    مُساهمة من طرف الفتى المغربي الثلاثاء مارس 29, 2011 8:20 pm





    1




    سقراط
    قال سقراط حين كان على وشك الموت"ما الحياة سوى مرض عضال"،هكذا كانوا جميعا،فكل الحكماء يجمعون على أن الحياة محطة من الألم المرتبط بالشك،وهكذا يبدأ نيتشه مسيرته في قلب القيم،وكذلك في الثورة على الرؤى المتجمدة التي قرأت التاريخ اليوناني كما أرادت لمدة عشرين قرنا وأكثر، وبطرحه لمجموعة من الأسئلة يزعزع نيتشه وثوقنا،من هم هؤلاء الحكماء؟ما حقيقتهم؟ألا يجوز أن يكون سقراط كبيرهم مجرد منحط؟ ويسترسل فيتساءل حول الحكمة ذاتها وعلى أي لسان تأتي وكيف تتجلى، ألا يمكن أن تظهر لفترة طويلة على هيئة غراب يهيجه عفن جيفة مكتوم؟
    إن نيتشه يهاجم الفكر الهلينستي جميعه،ويهاجم من خلاله الحكماء كذلك والذين اكتسبوا نوعا من الوفاق الفزيولوجي الذي دفعهم إلى الوقوف عاجزين أمام تدفق الحياة،يتخذون موقف السلب لاأكثر،بيد أنإرادةالقوة،إرادة الحياة ذاتها بعيدا عن أي حكم نصدره حول الحياة،إن من يصدر حكم قيمة حول الحياة لا يمكن اعتباره مفكرا أصلا.أما فيما يخص سقراط،فهو ذلك الرجل القبيح الذي مثل دور رجل الحقيقة وحامل مشعلها وهو في كنهه ليس أكثر من منحرف قبيح الخلقة وقبيح الإحساس والقلب،إن العراف الذي أخبر سقراط عند مروره بأثينا بأنه رجل ينطوي على أسوء الشهوات و العيوب،والطريقة التي أجاب بها سقراط "لشد ماتعرفني"تكشف عن خبث جوهري في شخص الرجل،فهو لم يكن مضطرب الغرائز فقط بل كان كاريكاتوريا،لكن في نفس الوقت عرف كيف يخفي ذلك تحت معادلة(عقل:فضيلة:سعادة)وعرف كيف يغلف كل ذلك بالجدل الذي يعد حمارا ركبه اليهود وكل البائسين الضعفاء وطبعا سقراط،ذلك"الأيروسي"الذي اخترع سلاحا جديدا يسيطر به على أطوار "المصارعة"،فهو يماشي غريمه ثم يعزله ليشل آلية تفكيره،ليبقى الشاب الأثيني وحيدا ضائعا،ومعه كذلك كل من يناقشون سقراط،الرجل الذي أحسن اختيار اللحظة التاريخية المواتية للظهور،فأثينا كانت تغرق في مد الغرائز وكان لابد من ظهور مستبد يقمعها بقهرية قصوى،فكان سقراط وعقلانيته التي اعتبرت ملاذا أخيرا في صراع القبح مع القبح،إلا أن سقراط قرر أن يسير في قبحه حتى النهاية،فتمادى في منطقه حتى الموت،وبعده جاء من سوف يجترون استبداده وأولهم أفلاطون،فشددوا على ضرورة التشبث بالفضيلة وعدم التنازل لصالح اللاشعور،لصالح الغرائز،فأي محاولة للانفلات من بطريركية سقراط هي انحطاط أصلا،لأن كل ثورة عليه كانت تعد تحيزا ضده،لكن ما رآه نيتشه هو أن سقراط لم يفهم جيدا،وكذلك لم تفهم كل أخلاقيات الكمال كما هي المسيحية،إن العقل البارد المتخلص من حرارة النزوة هو مرض لا يمكن أن يؤدي إلى السعادة،لأن الحياة تسير في شكل تصاعدي،ومادامت الحياة تسلك هكذا فالغريزة تساوي العافية والسعادة.
    لكن سقراط خدع نفسه لمدة طويلة،فهو لم يكن طبيبا يداوي العقول ولكن كان مريضا لسنوات طويلة،وعندما أراد أن يموت رتب كل شيء لتقدم له أثينا الكأس،والحقيقة أنه تجرع شراب الموت دون أن يترك بصماته على الكأس ودون أن يوسخ يديه،هذا كل ما في الأمر.



    2



    العقل
    إن الفلاسفة يحقدون على الصيرورة،لذلك فهم معدمو الحس التاريخي بتركيزهم على الاقتراب من مظهر الخلود،إنهم يريدون تحنيط الصيرورة ولفها كالمومياء،وهم يدركون أن ما هو صائر غير كائن،فكل شيء يموت،يتحول،يهرم،لكنهم وصلوا إلى حالة اليأس القصوى فتشبثوا كالعميان بالخلود والكينونة،ولكي يجدوا بابا لفكرتهم قالوا بظاهرية العالم الخادعة وبأن الحواس وسيط سوء بيننا وبين العالم ،إذن لنتحرر من هذه الحواس،هكذا قالوا،إنهم ليسوا سوى "مومياءات"تتسلط على الجسد عموما وعلى الحواس خصوصا لأنها تفضح ضعفهم،فالأنف الذي لم يتحدث عنه أحد باحترام يشهد على التنوع والصيرورة،وكل أولئك الفلاسفة رفضوا الحواس ماعدا رجلا واحدا"يستحق الاحترام" هو هراقليتس،فرغم أنه وقف وقفة ارتياب من الحواس،إلا أنه كشف زيف الكينونة،فالعالم الظاهر هو العالم الوحيد ولا وجود لعالم وهمي اعتبر دوما "حقيقيا".
    إن حواسنا هى الطريق الوحيد إلى العلم الموجود،أما تلك العلوم(الميتافيزيك،اللاهوت،علم النفس،الإبستمولوجيا،المنطق،الرياضيات..)فهي علوم ما تزال قبل-علمية،والخائضون في هذه العلوم يقعون في خلط جوهري وهو تقديم ما تأخر،بالخصوص المفاهيم السامية،فتجدهم يدافعون عن (العلة في ذاتها)،وتجدهم يصنعون المفاهيم المقدسة المطلقة،بل إنهم يجعلون" الله" أتفه المواضيع على الإطلاق خالقا فاعلا،وقد دفعت البشرية الثمن غال جدا(ولازلنا ندفع الثمن)،لكن نيتشه يريدنا أن نعيد قراءة الصيرورة من منظور أكثر صوابا،إن الهوية والديمومة والماهية والسببية والموضوعية والكينونة أخطاء قادتنا إليها المغالطات اللغوية والعقلالذي يسقط مقاييس الذات على كل الموضوعات،إن الذات هي التي أدت إلى"الكائن"وأدت كذلك إلى مفهوم أسطوري للإرادة،لقد اعتقدنا أن الإرادة الفاعلة،لقد جعلنا الله تعريفها الصحيح،فأقمنا في عالم علوي واستكنا واسترحنا لوجود العلة الأولى.
    من خلال هذا التصور يبني نونو أربع أطروحات يدافع فيها عن الصيرورة وهي كالتالي:
    أطروحة أولى:يستحيل إقامة دليل على عالم آخر غير العالم الظاهر.
    أطروحة ثانية:إننا عندما نقيم عالم "الحقيقة"فنحن نفترض أصلا عالم الظواهر وبالتالي لا يمكننا نفيه مادام أساس توجيه فكرنا.
    أطروحة ثالثة: ما يجعلنا نتكلم عن عالم آخر هو تحقير الذات والانتقام منها لأننا نرتاب في أمرها،ولذلك نواجهها" بالخارق".
    رابعة:إن عالم الحقيقة في المسيحية أو حتى عند كانط(المسيحي المستتر)ليس سوى صدى للانحطاط.
    خلاصات(العالم الحقيقي خرافة)
    العالم الحقيقي مرتع للفاضلين الورعين.
    إنه نتاج سذاجة الإنسان.
    إنه الوعد،اللعب على الأحلام كرهان.
    إنه العالم البعيد الذي يعد لنا عزاء عن كارثتنا الكبرى.
    منيع وغير مدرك، فكيف نلتزم بشيء نجهله؟
    إنه فكرة لم تعد صالحة لشيء، غير نافعة فوظيفتها العملية انتهت منذ زمن بعيد.



    3





    الأخلاق
    قد تصل النزوات بالإنسان في فترات معينة إلى مستوى البلاهة،وفي فترات أخرى تموت بعد أن نضفي عليها طابع "الروحنة"،إن الإنسان كان دائما يقتل النزوة بإيعاز من أولئك الوحشيي الطباع الذين تجرؤوا على القول في التوراة:"إن كانت عينك مصدر ذنب لك فاقتلعها"(وفي الإسلام يفترض أن تقطع يد السارق مع توفر شرط العدالة الاجتماعية،ويفترض رجم ممارسة الجنس خارج إطار الزوجية حتى الموت )(والسارق والسارقة اقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم)،إنها الحماقة التي لا يمكن أن يقبلها سوى القطيع،تلك الحماقة التي وضعت في شروط تاريخية معينة(في أوروبا خصوصا)ضدا على النوابغ ولصالح الخاضعين للكنيسة،الكنيسة التي حاربت النزوة باستئصالها من خلال تطبيقها العملي الذي يهدف إلى معاداة الحياة،إن رجال الدين لا يعدون أن يكونوا مخصيين احتاجوا للضغائن كي يبرروا عجزهم عن الاستجابة للإغراء،إنها قمة التدني والانحراف التي كشف عنها الكهان والفلاسفة وبعض الفنانين،فهؤلاء لم يكونوا نساكا ولكنهم كانوا في حاجة ماسة إلى النسك،فأسموا الشبقية حبا (الفنانون)-وهم بذلك حققوا نوعا من الانتصار على الكنيسة-عكسنا نحن اللاأخلاقيين،فإننا نحتاج الكنيسة كثيرا،نحتاج عدوا ما،مختلفين بذلك عن الكنيسة التي تريد التفرد بالمجتمع،إن الإمبراطوريات في حاجة إلى أعداء أكثر من حاجتها لأصدقاء،والنفس ذاتها لا تظل شابة إلا إذا تخلصت من فكرة الطمأنينة النفسية التي يبحث عنها محبوا" صفاء البقريات الروحي" وبحثت عن الحرب لتكتشف عظمة الحياة وابتعدت عن المحاولات اليائسة لإشباع البهيمية المتجذرة فينا عن طريق الصيغ الدينية و الأخلاقية التي تتضمن دوما صيغة راسخة"لا تفعل هذا وافعل هذا"،في حين أن الواقع يكشف عن التنوع، عن الاختلاف،لاعن إنسان يعد جزء من قدر هو الكل،إنها لا تعدو أن تكون دعاوي المنافقين للشخص كي ينضم إلى نفاقهم،أما اللحظات الحقيقية في حياة المرء،فهي تلك التي يريد فيها القوة والانعتاق بعد أن يتخلص من الأصنام ويأفل نجمها في عينه.
    من هنا ينطلق نيتشه ليصوغ مفهوما جديدا حول الأخلاق، تلك التي كانت تثير فينا العظمة والاحترام والتواضع كل تلك القيم الضعيفة التي تجد مساحة لها في"مملكة الرب"حيث يسود تقييم الحياة تقييما حكميا،في حين أننا نقوم بصناعة القوانين من داخل الحياة نفسها مما يعني انعدام المسافة بين الحاكم والمحكوم عليه(الموضوع)،وينتهي المطاف بنا إلى الحكم الذاتي دائما والذي يفرضه تصورنا لعملية المعرفة أصلا:



    ذات





    موضوع






    الإنسان تصور ناقص العالم الموجود
    وأحادي



    4




    الأخطاء الأربعة للإنسانية
    الخطأ الأول: عدم التمييز بين العلة والمعلول.
    إن الخلط بين العلة والمعلول خطأ بشري قديم جدا،تشكل من خلاله الخطاب ألوثوقي ذو الثوابت وهو الدين القائم على ثنائية النهي والتحريم،إن الأخلاق والديانة هي خطيئة العقل الكبرى لأنها تقوم على دحض الفطرة الإنسانية، ولأنها تفتح المجال أمام التذبذب،إن الحزب السياسي الذي يسقط في تناقض قد يلتمس أعضاؤه بعض التبريرات المقنعة،لكننا إذا أمعنا النظر وجدنا أنه لم يسير على الفطرة، إنه حزب معاق ولد مشلولا لذلك كان سقوطه ،فلا علة لسقطته.
    الخطأ الثاني: السببية.
    لطالما خدع الإنسان نفسه عندما اعتقد أنه اكتشف أسباب حدوث الظواهر و السلوكيات برجوعه إلى البنى النفسية الداخلية وبجعله نبوع الإرادة من "المعطيات الداخلية" والتي تخضع لتدرجات وترتيبات أهوائية شكلت حسب مزاج معين،في حين أن الإرادة واقع تجربة،إن الإرادة لا تفعل سوى مواكبة الحدث،أما أن تكون مصدرا لشيء ما أو أنها تبرر وجود شيء ما فهذا هو التسطح الظاهر للشعور،أما اللاشعور و الأنا فهي ليست أكثر من خرافات وجدت نواتها المركزية في مفهوم الذات الذي خلقنا العالم انطلاقا منه،وما دامت النواة متعددة جعلنا العالم عبارة عن تعددية، إنها الأخطاء الكبرى النابعة عن الذاتية،عن العقل،عن الأنا وعن الإرادة،وبسبب هذه الأخطاء لم يكن الإنسان قادرا على فهم العالم الخارجي إلا كما خطط له داخليا وقبليا،لذلك وجدنا الفيزيائيين يعتمدون على الذرة التي ليست أكثر من نتاج لسيكولوجية بدائية هي العقل المأله.
    الخطأ الثالث: العلل الوهمية.
    لطالما ركز علم النفس على العلل التي يصنعها حلما ينطلق منه ،يفهم الدافع فيحلله ثم يربطه مع الأثر (مدفع،طلقة،رعب) فيسقط على الواقع نتائجه،في حين أن هذه العلاقات العلية موجودة حتى في حالة اليقظة خارجا عن الحلم(مختبر علم النفس)،فنحن عندما ننزعج أو نشعر بالتوتر لا نبحث عن السبب،لكنه يمكن أن يكون موجودا، فالطبيب النفسي لا يشكل سوى تحفيزا على إدراك المسبب (لذلك أقول أن كل من يزور طبيبا نفسيا بإمكانه أن يوفر نقوده إذا ما قرأ بعض الكتب في هذا المجال )إن الطبيب النفسي يخرج لنا المجهول من المعلوم ونحن نرتاح و نطمئن لذلك،وذلك راجع لكوننا نبحث عما يريحنا من المسببات مهما كانت حقيقتها وطبيعتها بشرط أن نبتعد عن المقلق،إنها الغريزة،غريزة الخوف التي نرضيها بخلقنا قوالب من المسببات،مسببات حفظتها الذاكرة وكل ما خرج عن الذاكرة فهو مجهول ولا يصلح ليكون علة.
    الخطأ الرابع: خطأ حرية الاختيار.
    إن مفهوم حرية الاختيار هو أكبر مراوغة يقوم بها اللاهوتيون،ذلك بغية تحميل البشرية مسؤولية بعض الأخطاء لا أقل و لا أكثر ،فإرادة العقاب والمحاكمة هي منطقهم ،لذلك فهم يوهمون الإنسان أنه حر ومريد لكي يقوموا بمعاقبته و يمارسوا تلك الرغبة الدنيئة في التكفير والمعاقبة،ولكي لا يجد الفرد مبررا للهروب من العقاب فهو مخبر سلفا أنه مخير و حر ومن هنا تكون المسيحية دين الجلاد،أما نيتشه وكل اللاأخلاقيين فيدعون إلى كشف زيف الغائية بصفة نهائية ،فالفرد لا يتصرف دوما للغاية ،لكنه موجود محكوم بشروط معينة تدفعه لسلوك معين،فلا دخل لله ولا للكاهن (ولا للإمام أو الفقيه)بسلوكياته،فالغائية غائبة في الوجود الفعلي،والإنسان جزء من كل ،لكن ليس الكل كما تصوره المتدينون،بل الكل كما هو صائر موجود،هنا فقط تكون سلوكياتنا حرة لأنها تقاس على الموجود الصائر وعلى الآخرين باعتبارهم تعبيرا عن التنوع،أما واحدية الوجود و كينونته فهيوتوهمه في الوقت ذاته أنه مخير حر.
    من خلال هذه اللمحات حول فكر نيتشه يتبدى لأي قارئ مدى بطلان آراء بعض الكتاب أمثال ألمسيري ،إذ يربطون دون أن يخجلوا بين نيتشه المفكر الملحد والذي قال بموت الله وبين الشوفينية الصهيونية التي تقوم أساسا على خربقات دينية وإسرائيليات لا تمت للفكر الفلسفي بصلة ،ودلك راجع لكون الفلسفة النيتشاوية تهتم بالتاريخ والبعد الصيروري الذي يعتبر حساسية لكل الفلسفات الهادئة،تلك التي شايعها أصحاب الحكمة المتعبة والمحنطة،إن الرجل صبغ فلسفته بالدنيوية ضدا على الفكر الثيولوجي الماورائي سالكا مسلك هوسرل وهيدجر، غير أنه امتاز بابتعاده عن انطباعية الفلاسفة الآخرين في آراء عديدة ،فمقولته في الفن مثلا رائعة وملغمة،فالفن يكتسي عنده طابعا مهما أكثر من الحقيقة،لأنه يقرب من الصائر ويفض تخثر الحياة و رسوخها،ففيه تكمن اللامنهجية وهو يعوض اللغة العادية عندما يتعلق الأمر برصد وميض الفكرة و حيويتها الفياضة ،ويمكن أن تعزى صعوبة قراءة نيتشه إلى أساليبه الرائعة وحياكته الهادفة للصور البيانية،فموقفه من الفن جعله يكشف عن إمكانيات اللغة وتدفقها ،فنجده يخلق المفهوم الفلسفي متشاكلا مع الصياغة اللغوية التي اتهمها في كثير أحيان بأنها عاجزة أمام الحكمة،فالحكمة عنده تنبع من رغبة في الطيران أولا ثم تستوي بالفن بعد أن تجلت في الكلمات الثابتة ،كلمات تحوي مصطلحات هاربة تشكل فضاء التفلسف عند نيتشه :الحياة-قوة التشكيل-الوميض والتألق-الخلق الإيجابي-الإهمال الحيوي و الحركي،الإهمال ليس كما يفهمه المعتوهون،بل بما هو نبض كوني وثروة كما ساقه هيدجر،إلا أن نيتشه لايمنح هذه الثروة أية منهجية أو تراتبية،بل يعطيها إيماءة أو إشارة يمكن أن تلد لنا نجمة ترقص،لذلك تجده يحاول أن يجعل من قارئه "سوبرمانا"وإنسانا قادرا على الخلق وغير خائف من خوض المغامرة الفكرية،و هو يعلن أن أشد ما يكرهه هو أن يكون له أتباع،بل يريد مستمعين أحرار قادرين على التفاعل ولكن رافضين للتبلد، لأن كتابات نيتشه تتطلب قارئا متحررا،أما الأذهان التي تطلب الجاهز والتي انتقدها زرادشت،فلا يمكن أن تكون سوى ضحية الفكر المنهجي الصارم حيث الطغيان والثقل.

    محمد البوعيادي / الفتى المغربي

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مارس 28, 2024 9:47 pm