حول النظرية النسبية: الخلفيات الإبستمو –علمية للنظرية النسبية
( الجزء الأول )
لا تُذكَر النظرية النسبية إلا و يُذكَر " أينشتاين " ، و لا يُذكَر " أينشتاين " إلا و تُذكَر النظرية النسبية . لقد غيرت هذه النظرية طبيعة فهمنا لمجموعة من المفاهيم و على رأسهما مفهومي الزمان و المكان . غير أن هذه الثورة لم تأتي من فراغ ، بل هي خلاصة لمجموعة من الأبحاث - و الحلقة الأول و الثانية من هذه السلسلة مخصصتان أصلاً لهذه الأبحاث - .
طبيعة الضوء ( من نيوتن إلى ماكسويل )
ساهم " نيوتن " بعدة نقاشات حول طبيعة الضوء ، حسب وجهة نظره ؛ يتألف الضوء من عدة جزيئات و جسيمات ، و إعتبراً أن الفضاء المُطلَق هو المسؤول عن انتشار الضوء .
و لما جاء " كريستان هوغنر " عبر عن طبيعة الضوء بالنقيض ، إذ إعتبر الضوء مثل التيار المائي و ينتشر كأنه موجات مائية ، و هاته الموجات يجب أن يكون لها وسيلة تنقلها و تنشرها ، يَعني أن موجات الضوء تحتاج لحامل أو ناقل و قد اصطلح على هذا الحامل أو الناقل اسم الأثير . لكن يبقى الأثير مجرد فرضية يجب دعمها بتجارب تؤكدها أو تنفيها .
و لعل هذا ما قام به " جيمس كلارك ماكسويل " ، إذا عمل على إثبات طبيعة الضوء الموجية [1] ، تنبأت معادلات " ماكسويل " بأنه يمكن أن توجد إضطربات تشبه الموجات في المجال الكهرومغناطيسي – لن أتكلم باقتضاب عن معادلات " ماكسويل " التي عمل فيه على التوحيد بين الكهربا ء و المغناطيس بالاعتماد على معادلات " فارادي " ، بل سأقتصر على الإشارة فقط - المشترك ، و هذه الموجات ستنقل بسرعة ثابتة ، و حافظ " ماكسويل " على ( ثابت هويغنز الأثيري ) ، فموجات الضوء يجب أن تنقل من من خلال الأثير و سرعة الضوء ستظل ثابتة بالنسبة للأثير . و حقيقة الأمر ان أول من تنبأ بثبات و تناهي سرعة الضوء هو الفلكي الدنماركي " كريستنسن رويمر " سنة 1687 أي قيل نشر كتاب المبادئ الرياضية لفلسفة الطبيعة لـ " نيوتن " .
شكلت فكرة الأثير قاعدة الإنطلاق لمحاولة قياس سرعة الأرض بالنسبة للأثيرن و إحدى المحاولات هي ما يصطلح عليه بــ (( تجربة مكلسون & مورلي )) .
تجربة " مكلسون " و " مورلي "
في سنة 1881 أجرى الفيزيائي " ألبرت مكلسون " تجربة تُدعَى تجربة المرايا المتعامدة ، وكان الهدف من هذه التجربة هو محاولة إظهار حركة انسحاب الأرض بفضل ميزات الضوء ، و نظرا لقيمة الإبستمو-علمية لهذه التجربة سأضطر للحديث عنها – مهمتي هنا كفيزيائي أو كباحث في تاريخ و فلسفة الفيزياء أن أصف هذه التجربة وبعد ذلك أستخرج ما يفيدني ابستملوجياً - .
تتكون ( تجربة مكلسون ) من جهاز يتكون من مصدر للضوء ، و مرآة نصف فضية ، تستخدم لقسم حزمة الضوء الداخلية إلى حزمتين ؛ إحداهما موازية لإتجاه الأثير و الأخرى عمودية عليه ، و بعد مغادرة الشعاعين المنقسمين لهذه المرآة فإنهما يصلان إلى نهايتا ذراعين طويلين حيث يتم انعكاسهما مرة أخرى في المنتصف على عدد من المرايا الصغيرة ثم يُعاد إتحادهما مرة ثانية على الجزء البعيد من المرآة النصف فضية على عدسة مكوناً شكل أهداب تداخل عبارة عن مناطق مضيئة و مناطق معتمة [2] .
بالنسبة للذين ليس لديهم قُدرات علمية عالية أضع بينهم هذا الفيديو و الذي يوضح ببساطة طبيعة هذه التجربة :
( https://www.youtube.com/watch?v=7T0d7o8X ... re=related )
أو من هُنا ( https://www.youtube.com/watch?v=8QUhgYax ... re=related )
نستنتج من خلال ( تجربة مكلسون ) أن سرعة الضوء نفسها في مختلف الإتجاهات و بغض النظر عن جهة تحرك الأرض ، في الحقيقة أن " مكلسون " لم يُصَدّق ما توصّل إليه ن فأعاد التجربة مراراً و تكراراً ، و لكن بدون جدوى .
و في سنة 1887 أعاد نفس التجربة و لكن هذه المرة بمعية " مورلي " ، و يا للأسف نفس النتيجة ، عندئذ أعلن كل من " مكلسون " و " مورلي " فشلهما في تفسير حركة انسحاب الأرض بفعل الأثير .
من بين النتائج العظيمة لهاته التجربة أن الأثير لا يساهم في سرعة الأرض ، و قد سددت هاته التجربة ضربة قوية لفكرة الإطلاق في الطبيعة ، فالأطوال و الأبعاد نسبية .